الاقتصاد التركي لعام 2020 – نقاط القوة والضعف و النظرة المستقبلية
معلومات عن الاقتصاد التركي
يتميز الاقتصاد التركي باحتوائه على الأرضية التنافسية العامة في شتى القطاعات الاقتصادية، كما أنه أثبت تماسكه وقوَّته بما يحتويه من مكونات القوة والجدارة؛ كما أن الاقتصادَ التركي اقتصادٌ حيوي، حاز وما زال موضعَ الثقة عند الأطراف الدولية المهتمة بالشأن الاقتصادي، وعند عموم المستثمرين.
كما أن ترتيب الاقتصاد التركي عالمياً في ارتقاء مستمر، بفضل الخطوات الراسخة التي خَطَتْها تركيا في سبيل التطور والنمو، يضاف إلى ذلك أن القطاع الخاص يحظى بمركز مهم على الساحة الاقتصادية، كما أن القطاع الاقتصادي العام في تركيا يهتم بالأعمال التنظيمية، وتطبيق سياسة التجارة الخارجية الحرة، وحرية تداول الأموال والخدمات بين الأفراد والمؤسسات بدون أيّ عقبات، بما يمكن أن يوصَف باقتصاد السوق الحر.
وقد حظيت تركيا في الوقت الراهن ومن خلال اقتصادها المتين، بالمرتبة الثامنة عشرة كأكبر اقتصاد في العالم، مع ناتج محلي إجمالي يبلغ نحو 736.716 مليار دولار، في حين تهدف تركيا إلى الوصول باقتصادها للمرتبة العاشرة كأكبر اقتصاد بحلول عام 2023م.
الاقتصاد التركي بالأرقام 2020
كان للسياسات المالية الحكومية الداعمة لنمو الاقتصاد التركي دورٌ مهم في تحسُّن مستوى النمو الاقتصادي لتركيا هذا العام، ليحقق الاقتصاد التركي تنبؤات وكالة موديز الدولية في تقريرها حول التوقعات الاقتصادية والائتمانية العالمية لعامي 2020 – 2021 فقد أشارت إلى أن الاقتصاد التركي ينمو بشكل متسارع، وأسرع مما هو متوقع، رافعة إياه ليكون ثلاثة بالمئة بدل اثنين بالمئة، متوقعة استقرار نمو اقتصاد تركيا عند 0.25 بالمئة، وأن يرتفع إلى ما لا يقل عن ثلاثة بالمئة في العام الجاري والذي يليه.
مميزات ونقاط قوة الاقتصاد التركي
لعل أهم ما يميز الاقتصاد التركي عبر مسيرته في العقدين الأخيرين، كونه يُثبِت دائماً أنه فوق التوقعات، وأنه اقتصاد متجدد في قدرته على تجاوز الصعوبات، بالرّغم من المرحلة الحسّاسة التي تمرّ بها اللّيرة التّركيّة، ففي نهاية عام ألفين وثمانية عشرة، تشاءم العديد من المحللين الاقتصاديين بقدرة تركيا على الثبات باقتصادها والانطلاق منه في الأعوام التالية، ولكن ما حدث خالف التوقعات شأن الاقتصاد التركي في هذه المسيرة، فقد سجّلت الميزانيّة التّركيّة فائضاً بمليار دولار في شهر يناير من العام التالي، وجاء ذلك وفق بيانات كشفت عنها وزارة الخزانة والماليّة التّركيّة حينها، إذ بيّن التّقرير أنّ عائدات الدولة التّركيّة خلال الشّهر الأول من العام التالي سجلت ارتفاعاً بلغ سبعة وتسعين مليار ليرة تركيّة.
كما أن المدة التي شهدت فيها اقتصادات العالم ضيقاً وركوداً، بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008، جعلت الاقتصاد التركي بعد سنة من الركود العالمي ينمو نمواً يصل إلى 9.2% عام 2010 و8.5% عام 2011، وفي هذا النطاق ارتفع نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي، كل ذلك جعل العديد من المستثمرين يواصلون تثميراتهم المالية بعد أزمة كورونا ثقةً منهم بهذا التاريخ الاقتصادي القائم على معطيات.
عيوب ونقاط ضعف الاقتصاد التركي
أحد أهم عيوب الاقتصاد التركي تبدو في سرعة تأثر المستثمرين بالأخبار، مما يجعله محل زعزعة آنية، فعلى سبيل المثال أظهرت البيانات الأولية تراجع ثقة الشركات المصنعة في اقتصاد البلاد إلى أدنى مستوى لها منذ الأزمة المالية العالمية، وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج” أن نظرة الشركات المصنعة إلى الاقتصاد تحولت إلى التشاؤم، بعد خمسة أشهر متتالية من التفاؤل، بفعل فيروس “كوفيد-19″، كما انخفض المؤشر المعدل موسميا التابع للبنك المركزي التركي بمقدار 8.2 نقطة ليصل إلى 98.6 نقطة في آذار، حيث تدل قيم المؤشر التي تنخفض عن 100 نقطة على الشعور بالتشاؤم.
كما أظهرت بيانات البنك المركزي التركي، تراجع معدل الاستفادة من قدرة المصنعين، حيث أغلقت الحكومة ما يقرب من مئتي ألف شركة في محاولة للحد من انتشار الفيروس المستحدث، بينما أعلنت عن سلسلة من الإجراءات المالية لمنع الشركات من تسريح العمال، كالتخفيضات الضريبية وتأجيل المدفوعات.
الاقتصاد التركي في العقدين الأخيرين
منذ تسلم حزب العدالة والتنمية مقاليد السلطة عام 2002 انتهج سياسات اقتصادية مكنت النمو الاقتصادي للبلاد وعززته، إذ خُفِّضت نسبة الدين العام لتركيا، كما تضاعف إجمالي الناتج المحلي منذ بدء هذه الإصلاحات. لتكون تركيا في عهد أردوغان ضمن الدول الأقوى اقتصادا في العالم، والتي تعرف بمجموعة العشرين.
كما صارت البلاد في عهده مقصداً للاستثمارات المباشرة، وتميزت تركيا بحجم الصادرات الهائل والمتنامي بصورة كبيرة منذ مجيئه، إذ تشير الأرقام الرسمية إلى وصول قيمة الصادرات التركية إلى أكثر من عشرة أضعاف عما هي عليه قبل تولي أردوغان السلطة.
الاقتصاد التركي إلى أين – مستقبل الاقتصاد التركي
لا يمكن الحديث عن مستقبل الاقتصاد لأي دولة بمعزل عن الدراسات والمعطيات البيانية، لأن الاقتصاد يقوم على المؤشرات الرقمية والمعطيات الملموسة، ولذا فقد أظهرت نتائج دراسة أجرتها شركة “برايس ووتر هاوس كوبرز (PwC)” التي تعتبر واحدة من أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم، أن الاقتصاد التركي سيكون في المرتبة الثانية عشر كأكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030م، بمقابل ناتج محلي إجمالي قد يرتفع إلى 2.996 تريليون دولار.
كما أشارت الدراسة القائمة على معايير اقتصادية حقيقية إلى أن التوازنات الاقتصادية العالمية ستتغير خلال السنوات المقبلة، حيث ستتجه القوة الاقتصادية نحو الاقتصادات الناشئة على المدى الطويل.
ووفقاً لما ورد في الدراسة التي حملت عنوان “نظرة طويلة: كيف سيتغير النظام الاقتصادي العالمي بحلول عام 2050م”، فمن المُتوقع أن تُهيمن اقتصادات دول من بينها تركيا على قائمة أكبر عشرة اقتصادات في العالم بحلول عام 2050م.
وتوقعت الدراسة كذلك أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي في تركيا بحلول عام 2030م نحو 2.996 تريليون دولار، متفوقاً بهذا على إيطاليا (2.541 تريليون دولار)، وكوريا الجنوبية (2.651 تريليون دولار)، في حين أظهرت الدراسة تفاؤلاً بارتفاع إجمالي الناتج المحلي التركي إلى أكثر من 5 تريليون دولار، بحلول عام 2050م، مما يؤكد على أن الحكومة التركية في حديثها عن القوة الاقتصادية القادمة لتركيا إنما هو حديث مبني على مؤشرات ودراسات ومعطيات.